IMG_4709-aspect-ratio-x

نظام التبريد الحراريّ في رمات هنديف

يتيح مبنى مركز الزوّار رؤية مجموعة متنوعة من خيارات توفير الطاقة وبالتالي تقليل التأثير على البيئة. يعتبر نظام الطاقة الحرارية الأرضية المركب في المبنى أول محاولة في البلاد لتبني طريقة تبريد المساحات الداخلية. تم إنشاء أول نظام تبريد حراري في عام 1912، وبدأ في اكتساب الزخم في جميع أنحاء العالم في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي فقط. اليوم يتم اعتماده في مشاريع عامة كبيرة وفي منازل خاصة.

20200427_105042

ما هو نظام التبريد الحراريّ؟

يستخدم نظام الطاقة الحرارية الأرضية درجة حرارة التربة، والتي تحافظ على استقرار نسبيّ في درجة الحرارة على مدار العام. بغضّ النظر عما إذا كان هناك ثلج متجمد أو طقس خمسينيّ حار، فإن حرارة الأرض تحت الأمتار الثلاثة العليا تظلّ ثابتة – 17-23 درجة، وهذا يتعلّق بالموقع على الكرة الأرضية. إنّ الماء ناقل حراري ممتاز. تقوم أنابيب الماء بدائرة مغلقة بنقل الحرارة من المبنى إلى داخل الأرض الباردة نسبيًّا، وتبريد المياه، وهذه تعود باردة لكي تأخذ طاقة حرارية إضافية من المبنى. في الأماكن الباردة في خارج البلاد، يُستخدم النظام للتدفئة في الشتاء أيضًا.
عمليًّا، هناك نظاما ماء منفصلان لنقل الحرارة. يتدفّق نظام واحد إلى الأرض، ويصل إلى مبادل حراري (تشيلر) ثمّ يعود إلى الأرض. يقوم نظام المياه الثاني بتوصيل الماء المُبرَّد إلى المبنى، ثم يعود مع جرعة حرارية إلى المُبادل.
إنّ دور الماء في المُبادل الحراريّ الأرضيّ مماثل لدور المروحيات في المبادل الحراري

geothermic system

الخاصّ بتكييف الهواء: تبريد أنابيب تكثيف غاز الضاغط، والتي تصبح ساخنة عند ضغط الغاز لتبريد المياه المتدفّقة إلى المبنى. الغاز الذي يتم ضغطه في الأنبوب هو الذي يعطي البرد للمياه المتدفقة إلى المبنى. يمكن دفن الأنابيب التي تنقل الماء في الأرض بطريقتين: عموديًّا، في عمق التربة (كما هي الحال في رمات هنديف) وأفقيًّا. عند وضعها بشكل أفقيّ ينبغي الحذر لكي لا تتضرّر أنابيب المياه عند إنشاء بنى تحتية أخرى في الموقع.

كيف تمّ بناء النظام في رمات هنديف؟
تبلغ درجة حرارة التربة في رمات هنديف 21.7 درجة، وهي درجة حرارة لطيفة. تم حفر 21 أسطوانة بقطر 15 سم وبعمق 30 م في المنطقة الواقعة تحت “حديقة كفّ القدم”. كانت نصيحة مهندس التبريد هي أن يتمّ حفر 60 مترًا، ولكن بعد حوالي 30 مترًا، وصلت الحفّارات إلى طبقة صخرية أكثر صعوبة، وكان هناك خوف من أنّ حفر الطبقة الصلبة قد يلحق الضرر بتدفق النبع الموجود في منطقة رمات هنديف (عين تسور). وهذا مثال لمجموعة الاعتبارات البيئية المرتبطة بالنظام. لا ينبغي إلغاء اعتبار بيئيّ واحد لصالح الآخر، وإنّما يجب أن نحاول التوفيق بين الأشياء سويةً.

تمّ في كل أسطوانة تمرير أنبوب مياه عاديّ (PEX) والذي ينزل إلى بطن الأرض ويرتفع عائدًا منها، كحلقة. عندما يدخل الماء الدافئ إلى الأسطوانة، فإنه ينقل الحرارة إلى الأرض فيخرج منها الماء أكثر برودة مما كان عند دخوله. يستمرّ الماء في التدفق إلى المبادل الحراري، والذي يتمّ فيه تبادل درجة الحرارة بين نظامي المياه – ذاك الذي فوق سطح الأرض وذاك الذي تحته.

يخرج من المبادل الحراري نظام مياه فوق الأرض إلى المبنى، لمختلف وحدات التكييف. لكل مساحة داخليّة في مركز الزوار وحدة معالجة الهواء الخاصة بها، والتي يتم تشغيلها فقط عند استخدامها. في هذه الوحدة، يأتي الماء البارد من المبادل الحراري ويتدفق إلى الرادياتور. بعد ذلك، تقوم مروحة بسحب البرد من قناة الرادياتور وإدخاله إلى داخل الغرفة، عن طريق قناة من الصفيح.
يستخدم نظام الطاقة الحرارية الأرضية في رمات هنديف للتبريد فقط. عند الحاجة، يتمّ في مركز الزوار، الذي يستضيف آلاف الزوّار كل عام، تشغيل نظام تكييف هوائي عاديّ كدعم لنظام التبريد الحراريّ.

أفضليّات نظام التبريد الحراري الأرضي مقارنةً بنظام تكييف الهواء التقليديّ:

  1. التوفير في الكهرباء: يتم الحفاظ على درجة حرارة أنابيب التكثيف من خلال التبريد الحراري عبر تدفّق المياه، على عكس تبريد أنابيب التكثيف في نظام تكييف الهواء العاديّ، والذي يتم بمساعدة مراوح مستهلكة للكهرباء. يبلغ التوفير في تكلفة التبريد حوالي 25% في استهلاك الكهرباء
  2. التوفير في مساحة التخزين: وحدة المبادل الحراري للتبريد الحراري الأرضي صغيرة ولا تتعدّى عشر وحدة المبادل الحراري لتكييف الهواء العاديّ.
  3. المرونة في موقع التركيب: نظرًا لكون المبادل الحراري الأرضيّ لا يتطلّب مراوح ولا ينبعث منه هواء، فيمكن تخزينه في أي مكان، حتى في مكان مغلق (مثلًا: تحت الدرج في داخل البيت).
  4. منع التلوّث الضوضائيّ: لا ينتج المبادل الحراري الأرضيّ تلوّثًا ضوضائيًّا مقارنة بأنظمة تكييف الهواء التقليدية، إذ يتم التبريد في الأرض وليس في داخل المبادل الحراري.
  5. منع انبعاث الحرارة في الجو: يستوعب نظام التبريد الحراري الأرضي الحرارة القادمة من المبنى في داخل الأرض، في حين أن نظام تكييف الهواء يطلق الحرارة إلى الجوّ، والذي هو ساخن أصلًا. من الناجع والمفيد إطلاق الطاقة الساخنة إلى مكان بارد بدلًا
full (12)
  1. من إطلاق طاقة ساخنة إلى مكان ساخن. استهلاك القليل من الطاقة يقلّل انبعاث غازات الاحتباس الحراري من محطات توليد الطاقة إلى الجوّ.
  2. تجنّب مستويات الاستهلاك القصوى: نظرًا لأن درجة حرارة التربة تبقى ثابتة دائمًا، لهذا لا توجد مستويات استهلاك قصوى، بينما في نظام تكييف الهواء التقليدي، يكون الاستهلاك وفقًا لدرجة الحرارة الخارجية: كلما زادت السخونة في الخارج، زاد استثمار الطاقة في ضغط الحرارة إلى الجوّ.
  3. الحفاظ على الطبيعة من خلال تقليل المشاكل البيئية، مثل: الأمطار الحمضية، تلوث الهواء وترقّق طبقة الأوزون.
  4. الحدّ الأدنى من الصيانة: تبلغ تكلفة صيانة نظام الطاقة الحرارية الأرضية حوالي الربع مقارنة بنظام تكييف الهواء العاديّ.
full-aspect-ratio-x

مشاريع إضافيّة:
في السلطة الفلسطينية: تلقت مدينة رام الله دعمًا من الاتحاد الأوروبي لإنشاء بناية خضراء. تم حفر 15 حفرة بعمق 150 مترًا في الأرض لتلبية احتياجات التبريد في المبنى. إنّ حَفر حُفر التبريد الحراري يتميّز بطابع خاصّ، إذ إنّ قطرها الضيّق وعمقها الكبير يتطلّبان حفّارات خاصّة، ومد الأنابيب بمهارة لكي لا تنهار جدران الحفرة بعد إخراج الحفّارات، وطمّها بالقصدير. يتم تنفيذ هذا النوع من الحفر من قبل شركة متخصصة في هذا المجال في السلطة الفلسطينية. للأسف، لا يوفّر المبنى معطيات عن مقدار الطاقة التي يستهلكها.

في أماكن أخرى من العالم: القرية الأولمبية بأكملها التي بنيت في الصين، والقواعد العسكرية الأمريكية في القارة منذ التسعينيات وأيضًا في أوروبا، وجميع المدارس في الولايات المتحدة، وفي العام الماضي 85 ألف منشأة في أوروبا و200 ألف منشأة في الصين.

تجدر الإشارة إلى أن ودّيّة نظام الطاقة الحرارية الأرضية، والتي تتجلّى في التوفير في استهلاك الكهرباء وفي تقليل تأثيره على البيئة، تتعاظم أهميته عندما تُضاف إليه معطيات، مثل:

  1. حديقة على السطح تستخدم كطبقة عازلة لمركز الزوار وللتظليل عليه
  2. الكسوة الحجرية على الجدران بطريقة شبه جافة، والتي تترك الهواء بين المبنى والكسوة، ما يؤدّي إلى تكوّن طبقة عازلة أخرى
  3. التوفير في تفعيل تجهيزات الإضاءة المسخّنة في المساحات الداخلية بفضل النوافذ العلوية التي تُتيح دخول ضوء النهار إلى المبنى.

تم وضع قواعد توجيهيّة في مركز الزوار في رمات هنديف بخصوص البناء الأخضر، مع تنفيذ دقيق وإشراف قريب طوال الوقت، وهو ما أدّى إلى تحقيق الامتياز وفقًا لشارة المعيار 5281 للمباني الخضراء من قبل وزارة حماية البيئة ومعهد المعايير الإسرائيلي، بالإضافة إلى معيار LEED الأمريكي. إن نظام الطاقة الحرارية الأرضية هو مجرّد مثال واحد من بين أمثلة عديدة على تميّزه وامتيازه.

مهندس النظام: يهوشفاط أهروني، آسا أهروني، مهندسون ومستشارون م.ض.

 

ربّما يثير اهتمامك أيضًا...

إمكانية الوصول

مسار متاح للكرسي المتنقّل

الدخول إلى حدائق الذكرى يمرّ عبر بوابة في أعلاها شعار عائلة روتشيلد (الشعار بطريقة مجسّمة موجود في كتيّب الإرشاد).
بعد المرور عبر البوابة نجد أمامنا باحة المدخل المكوّنة من خمسة أسرة ممدّدة من العشب وهي ترمز إلى أبناء مئير الخمسة: أنشيل، شلومو (سلومون)، كالمان، ناتان، وجيمس (يعقوف).

لمزيد من المعلومات >>

تناول الطعام هنا

تناول الطعام هنا - الكشك
لمزيد من المعلومات >>

الاستدامة - بين الإنسان والبيئة

بستنة مستدامة

تميّزت البَستنة في القرن الماضي بتصميمِ الحدائق على مستوًى عالٍ من الصيانة، من خلال الاستعانة بتزيين النباتات وبأسس خارجية غريبة عن البيئة، إلى جانب الاستخدام المُفرِط للأسمدة والمبيدات غير الودودة للبيئة. رغم أنّ هذه الطريقة أدّت إلى نتائج فوريّة، إلا أنّ الثمن كان غاليًّا: تلوّث البيئة والمياه الجوفيّة، استنزاف خصوبة التربة، النباتات الغازية، ساعات العمل الطويلة لضبط النموّ السريع واستخدام المعدّات الميكانيكيّة على نحوٍ دائم.

لمزيد من المعلومات >>