P5280845-aspect-ratio-x

البارون بنيامين إدموند دي روتشيلد

لعب البارون بنيامين إدموند دي روتشيلد دورًا مرموقًا في تاريخ الاستيطان اليهودي المتجدّد في أرض إسرائيل وفي تبديل مصير الشعب اليهوديّ. 

Baron04-aspect-ratio-x

لعب البارون بنيامين إدموند دي روتشيلد دورًا مرموقًا في تاريخ الاستيطان اليهودي المتجدّد في أرض إسرائيل وفي تبديل مصير الشعب اليهوديّ. الابن الثالث لجيمس وبتي روتشيلد، مؤسَّسي الفرع الباريسيّ للعائلة، نال تربية يهوديّة محافظة إلى جانب التعليم العلمانيّ العامّ. انضمّ الشّاب روتشيلد إلى المؤسّسة المصرفيّة العائليّة وهو في سنّ 21 عامًا فقط، وفي سنّ 32 عامًا تزوّج ابنة عمّته أدلياده. على نحو شبيهٍ بوالديه فقد ساهم في نشاطات سخيّة كثيرة، سواء في أوساط الجالية اليهوديّة في باريس أو في أوساط الطليعيّين في أرض إسرائيل.
المذابح التي وقعت في روسيا في عامي 1881–1882 دفعته إلى التعاون مع اللجنة الفرنسيّة من أجل مساعدة اليهود الروس على الهجرة إلى فلسطين. وقد انضمّ إلى مجموعة من القادة الذين آمنوا ودعموا حقّ الشعب اليهوديّ في العيش في أرض إسرائيل.
بدأت مساهماته وتبرّعاته للاستيطان اليهوديّ في أرض إسرائيل في أوائل الثمانينات من القرن الـ19. المستوطنات الأولى التي بنتها المنظمة الأوروبيّة الصهيونيّة “أحبّاء صهيون”، تعرّضت لصعوبات اقتصاديّة بالغة. أفراد الجالية ومندوبو الاستيطان طلبوا مساعدة مستعجلة للطليعيّين، وأخذ البارون على عاتقه مهمّة تمويل كافة تكاليف مستوطنات ريشون لتسيون، زخرون يعقوب، روش بيناه وعكرون، كما قدّم مساعدات لمستوطنات أخرى. وهكذا بدأ ما أصبح يمثّل لاحقًا المشروع الأساس في حياة “السخيّ المعروف” وعقيلته.
خلال زيارته في زخرون يعقوب، عام 1893، شرح البارون سبب تفانيه في دعم المزارعين الذين اجتمعوا لاستقباله: “لم أدعمكم وأرعاكم بسبب فقركم”، قال، “وإنّما بسبب رغبتكم في العمل والحياة في الأرض المقدّسة والعيش وفقًا لروح التوراة”.
لم يكتفِ البارون بالدعم الاقتصادي؛ فقد أرسل خبراء زراعيين أوروبيّين لتقديم المشورة للمزارعين ولإرشادهم. لقد دعم هو ونسله من بعده 44 مستوطنةً، من المطلّة في الشمال وحتى مزكيرت باتيا (عكرون) في الجنوب، وكانت في معظمها مستوطنات زراعيّة – بلدات زراعيّة، موشافيم وكيبوتسات. بعض هذه المستوطنات حمل اسم أبناء عائلة روتشيلد: زخرون يعقوب – على اسم والد البارون، جيمس (يعقوب بالعبرية)، مزكيرت باتيا – على اسم والدته بتي (باتيا بالعبرية)، وجفعات عِده – على شرف عقيلته أدلياده (عده بالعبرية).
إلا أنّ عناية البارون لم تقتصر على الاستيطان الزراعيّ فحسب. فقد كان يتطلّع إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي للاستيطان اليهوديّ الآخذ بالاتساع في أرض إسرائيل، ولهذا السبب فقد استثمر موارد اقتصاديّة وبذل جهودًا كبيرة في تطوير الصناعة. وبفضل مساعداته تمّ إنشاء البنى التحتيّة والصناعات الأولى في الاستيطان: معاصر النبيذ، مصانع المنتجات الزراعيّة وحتى محطّة توليد الطاقة الأولى. لقد كانت اثنتان من معاصر النبيذ التي أقامها البارون، الأولى في ريشون لتسيون والثانية في زخرون يعقوب، من أكبر معاصر النبيذ في العالم في ذلك الوقت.

baron visit 2

كان البارون مدركًا أيضًا لأهمية موضوع صحّة المزارعين الطليعيّين. فقد عانى سكّان أرض إسرائيل من ظروف صحيّة متدنّية ومن وجود مستنقعات موبوءة بالبعوض أدّت إلى انتشار مرض الملاريا. فقرّر البارون العمل على إبادة مصدر الملاريا وقام بتمويل مشروع طويل الأمد لتجفيف المستنقعات. في موازاة ذلك أنشأ عيادات خاصّة لعلاج المصابين بالمرض.
كان البارون روتشيلد ملتزمًا جدًّا باللغة العبريّة وبالديانة اليهوديّة. فقد أسّس العديد من الكنس والمدارس التي كانت تدار الصلاة والدراسة فيها باللغة العبريّة. “لقد سمعت الكثير من الشعر الفرنسيّ في فرنسا”، قال، “يسرّني جدًّا أن أسمع هنا شعرًا عبريًّا”. لقد شجّع الطليعيّين على الحفاظ على العلاقة باليهودية بطريقتهم هم، وقال لهم إنّ: “إدراك الدين هو قيمة لدى اليهود. إن إدراك الدين هو وحده القادر على توحيد جميع أجزاء العالم… وكما أنّكم سترشدون القادمين بعدكم إلى الطريق الزراعيّة. فأنتم ملزمون أيضًا بإرشادهم إلى طريق القلب اليهوديّ”.
بدأت مساهمة البارون إدموند دي روتشيلد في القيادة الصهيونيّة في فترة الحرب العالميّة الأولى. في العام 1924 أسّس بيكا – الشركة للاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل، والتي أدارت قضايا شراء الأراضي في البلاد، وعيّن ابنه جيمس رئيسًا عليها.
تقديرًا لنشاطه عُيِّن البارون في عام 1929 رئيس شرَف للوكالة اليهوديّة لأرض إسرائيل.
توفّي البارون إدموند دي روتشيلد في عام 1934 عن عمر ناهز 89 عامًا. حينها ساد أنحاء الاستيطان الأرض-إسرائيليّ والعالم اليهوديّ كلّه حزنٌ شديدٌ. عقيلته، البارونة أدلياده دي روتشيلد، التي كانت شريكة كاملة في نشاطه ورافقته في زياراته الخمس كلّها إلى أرض إسرائيل، واصلت ريادة مجموعة من المشاريع السخيّة في الاستيطان وأسّست معهد الشبيبة اليهوديّ في باريس. لقد تُوفيت بعد رحيل زوجها بفترة قصيرة ودُفِنت إلى جواره.
بعد وفاتهما بنحو 20 عامًا تمّ نقل رفات البارون والبارونة دي روتشيلد إلى إسرائيل على متن سفينة تابعة لسلاح بحريّة دولة إسرائيل الفتيّة. تمّ دفنهما في مراسم رسميّة في رمات هنديف، الواقعة بين بلدة بنيامينا، التي تحمل اسم البارون، وبين زخرون يعقوب، التي تحمل اسم والده، كما سلف الذكر.

قام دافيد بن غوريون، رئيس حكومة دولة إسرائيل حينذاك، بتأبين البارون قائلاً: “أشكّ في ما إذا كان من الممكن أن نجد، على امتداد التاريخ اليهوديّ كلّه في المنفى، أي على امتداد فترة 2,000 سنة، شخصًا بمنزلة شخصيّة البارون إدموند دي روتشيلد الرائعة – باني الاستيطان اليهوديّ في وطننا المتجدّد”.

ربّما يثير اهتمامك أيضًا...

إمكانية الوصول

كرسي متحرّك مصمّم للتنزّه في بارك الطبيعة

تحتوي منطقة البارك الجميلة في رمات هنديف على مسارات رائعة للتنزّه.

لمزيد من المعلومات >>

تناول الطعام هنا

تناول الطعام هنا
لمزيد من المعلومات >>

الاستدامة - بين الإنسان والبيئة

بستنة مستدامة

تميّزت البَستنة في القرن الماضي بتصميمِ الحدائق على مستوًى عالٍ من الصيانة، من خلال الاستعانة بتزيين النباتات وبأسس خارجية غريبة عن البيئة، إلى جانب الاستخدام المُفرِط للأسمدة والمبيدات غير الودودة للبيئة. رغم أنّ هذه الطريقة أدّت إلى نتائج فوريّة، إلا أنّ الثمن كان غاليًّا: تلوّث البيئة والمياه الجوفيّة، استنزاف خصوبة التربة، النباتات الغازية، ساعات العمل الطويلة لضبط النموّ السريع واستخدام المعدّات الميكانيكيّة على نحوٍ دائم.

لمزيد من المعلومات >>